التأرجح تحت مظلة الفلكلور
التأرجح تحت مظلة الفلكور
للكاتب/ تامر التويج
إنه وميض الكلمات الساحرة، والتي كانت موروث العادات والتقاليد، والعُرف والتغاريد التي طغت في ظهور عصبية كل جيل، فالحول لا يبني أساسًا ولا أصول، والدهر يدهم كل ما بناهُ الذبول، ولكن قد سئمنا ونحن نستظل تحت هذه المظلة، ونتبرقع بها تارةً، وتارة أخرى نضرب بها كل صاعقة مدوية، ونفخر بها هُنيهًا، وهُنيهًا ندفعها عن السماع والمذياع، والحقيقة، أنها كانت مأزقًا طعمه علقم، وروحه كضيغم، أبى أن يموت، أو يزيد وهنًا وكهولة، لعلنا نكحل ميلاده من جديد، فيبيت في سباتٍ ورقاد، وفي أنينٍ وسُهاد، حتى أضع له حدًا، تكفيه المعاناة، وتريحه هم الدنيا! فيا له من مأزق، ظل ينزف أصحابه، وأحبابه من يتوجعون، في زمنٍ ليس فيه حكومة ولا قانون، وما به عدل عُمرٍ ولا هارون، ولا قوة زيادٍ أو المأمون، فما كان لنا أن ننسى شيئًا أو نتفادى، وإنما نحزن ونتباكى، من فلكورٍ قصم وقسم ظهورنا، وأردى بنا الهلاك، وأبقانا في الويل والويلات، نتأسى من حال من سنَّ أو قنن، وجدد وتوهن فيما قال أو فعل، فكأن الجرح نزف، ولم يراه أحد، وفي تدارك الزمان، بدأنا نعرف أن في صومعة الظلام، وفسطاط العبثية لسابق الأقوام، وبين الهزل والجد، قلنا وقال الجميع، لا تكترثوا وفقط"أضغاث أحـلام".
وأثناء تفسيري لتلك الأحلام تمردت حروفي حتى سقطت في القعر الذي لم تكن له باحة للامتداد، ولا راحة للاعتداد، في قسيمة كل عارضة وفارضة، على مُعتقدٍ خاطف للاستمرار والانتظار حتى رسم الحدود، وخط محور العثرات في استجابة ما جال وطال طنينهُ وأنينهُ وأيامهُ وسنينهُ، من أجل التربع في عروش ملاذ الأشقياء الأبرياء من سخط الحياة وتبادليها الزائفة، وتوافيقها البعيدة عن الحسابات في منطق العبثية والاعتقاد السائد في ما هو فائد.
قـدَّ لا يكون ما كتبتُ في الحُسبان، وما شرحتهُ من خيالات وأوهام، لكن ما سعيتُ أن أُثبتـهُ لن يكون في خبر كان، في وريقاتٍ امتلأت بالعجاج ومُحيت بالأُجاج، وجُعلت طيَّ الكتمان، حتى داهمها ورفث عقولنا النسيان، فوقفنا عليها من غير حزمٍ في أوسان، حتى ضاعت مِنَّا الأوطان.
نعـم فهكذا أدَّعيتُ جهالة الأمر؛ لأكون في معقل الأتقياء وحاجز الأولياء في فلكورٍ ساد في عزائمي، فوق مراسيلٍ بثَّـت في فؤادي أهاجيس التوقف عن الدوران، والأخذ بكل ما في الحُسبان، عمَّا يدور في واقعي من مخاطر وأحزان ــ كبُرت عليَّ حتى لظت تقطع الأحلام والأنغـام، فتُمزق رايتي حينـًا، وحينـًا أظل في حفرتي عثرانـًا ورمَّضان.
ما زلت في صمتي العجيب، أحاول أن أجتث شجرة التفكير التي تقربني من الوقوع في اللبس، أو المكث في هودج الزوال، وسرج الرِحال، صوب كل جريحٍ أو ذبيح.
ولكنها سُنـَّة الشـك في صومعة البيداء، وفُسطاط الغبراء المائلة بين بنات الريح وراكبها من جنوب المسافات إلى لقاء الروايات التي كتبت حكايات كل قصة جارحة، وهكـذا ومع كل رحلة تنتهي نسقط في متاهات لها بدايات بُثينة ونهاياتها بداياتٌ دفينة ...
ظل ذلك الوجه مُكفهر وشديد التجهم والعبوس، ولكن ماذا بوسعه أن يفعل إذا كان قد فقد وعيه بين تلك العقول المتحجرة والحبيسة في زوبعات وغرابيل تشن هجومها بين ليلةٍ وضحاها، وشأوٍ كان لها مُناها، وأين نراها بذلك في وحلٍ أو مُستنقع، يتضح ما بطن في خباها وحشاها.
لن تتجه سهام كلماتي صوب أحدٍ منكم ،وما يُتعذر منه له مبرره الخاص ، فما أكون في الحالتين إلا كالشبح ،يراني من يراني ، ويخاف من الوعيد بدون شرٍ من رماني ،ولم يرى أنيـن حروفي وهي تتراقص باكيـة تحاول أن تُعبر عن ذلك الشبح اليتيم، والسلطان العظيم، والطفل العقيم عن حركته، والأسد الجارح حين يُبتلى بوحشية السخريات، وصافرات الاستهجان، لكنه لا يستسلم أبدًا، ما دام يعرف ما يفعل ليحطم عجلة الزمان، لتقف شاهدة له على برائه أعماله، وحنين شوقه وأمجاده، وعنفوان غيرته على أصدقائه، وما أن يعرف أنه في بُحيرة لجية، وشمسٍ سخية عليه بخيوطها، يكون قـدَّ أدرك أنه في ملاذ الأشقياء، ولكن تداعيات هذا الزمن لا تحكم بالقصر ولا النصر إلا سويعات قليلة، وحكمة تكون في البلية صمام خوفٍ لمن يرمِ بها ،ويكبر شأنها ،ويهول من عظمة أمرها، ويؤكد على مجراها العميق ، ويعيش في تضاريسها الصعبة المنال والرديئة المثال، وحتى تكون في أمرٍ ، لا بد أن تُبصر به بعض من اللوعة ، وجمعٌ من الخصال التي ستفرق الأشباح من حولك ، وما إن تبذل النفيس وتشتاق أحن الاشتياق إلى تلك العظمة والتي تجعلك منصرفـًا عن الأُحجيات، وقائم بالحق ودحض الشبهات، وقمع من تسول له نفسه في اقتناء خمره، في المنكرات، هنا كل ما تحن إليه يجعلك في الشهامة بطلًا، وفي الكبرياء معتصمـًا، وعلى الكون منتصرا ، هنا حقـًا تكون ممن لا يؤمن بدعوى الأتقياء، بل وتخلص لنفسك القول أنك إن سجدت مُطمئنـًا، بمن تثق أنك تسجد له، يكون قلبك مفعم بروح الانتصار وتكون قابضـًا للدنيا في يُسراك، وما أن تُسبل جفونك لترى ما بيُمناك حتى تجد نفسك قـدَّ فاضت إلى باريها، واستقرت عند الجليل القدير جل جلالهُ وتباركت أسمائهُ وعظُمت صفاتهُ، للروح التي لا يُضنيها ولا يُشقيها، لا كما تُحسب أنها بين خشبات الاسطبل وزروع البستان، وحاشية الزمان من مزيج البرية والبحرية والجوية.
هنا تأكد أن معولك ضرب بالطين الناري والمحيط القاري وشبه الولايات الروحية، والمناطق الحيوية وسلسلة المرتفعات النفسية، وههنا خاب أمرُك وقصُرت ريبتُك في تمليك الظن كله لأمرٍ حسبته بؤسـًا ونكاية وغابت عنَّك لتُعسه الدراية ــ وتأكد أنَّك زجرت الطير، فوقعت مخالبها عليك مُضرجة بالدم، فإما أن تستعملها أو تدعها لعابر سبيل، فكـن كذلك وتيقن أنك تسير الآن في إحدى الباديتين، وما أمرُهما بغريبٍ عليك ولا عجيب في شكٍ قاطع، أو يقيـنٍ نافع، ولا يختلف الأمر كذلك على من يلبسن البراقع، فما في الأمر من أهمية هو أن تكون قويـًا حتى لا تتلاشى ؛ فتذروك الرياح العذبة كالهشيم الساكن.
تعليقات
حقًا نحن نعاني من أزمة الفلكلور
إرسال تعليق