أزمة الوعي في المجتمع اليمني

 أزمة الوعي في المجتمع اليمني

للكاتــب /  تـامـر التـويـج



أزمـة الوعي في المجتمع اليمني

مقــدمـة:-

إن أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات العربية (عامة)، واليمنية (خاصة)، هي مشكلة واحدة، قدَّ توسعت وامتدت، وأخذت في جوفها واغترفت كل المشكلات التي تُعرقل مَسير الجميع، في محاولتهم اليائسة، من شد الرِحال نحو البساط، الذي يجرهم إلى بسيطة التقدم والازدهار، لا التصارع والاحتضار.

وإذا ذكرت أي مشكلة،وأطنبت فيها وأوجزت، سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، فاعلم أن سبب الوقوع في كماشتها هو قلة الوعي العام، الناجم عن قصور الثقافة، والتأخر في العلم والتعليم. 

وبلُغـةٍ سهلـة وبسيطة، استطردنا لكم، أبـرز المشكلات التي وضعتنا في خبط عشـواء، وأزمات كارثيـة بحقنـا، كشعبٍ أصيـل، ليس له مثيـل، بحضارته وعلمائه، وتاريخه السعيد في كل الأزمان.


ما الوعي، وماهيـة الوعي  

هو قيمة معنوية تتحقق بعد تعدي العقل البشري لمجموعة من(المعارف، والخبرات، والمهارات، والسلوكيات، والتجارب)، التي لا تُحدث بعقله أي تضارب. 

فيكون سلاحه بعد تداخل كل تلك الأشياء هو العلم الذي يصاحبه الفن والخبرة... 

فحصيلة المعرفة والمهارات والخبرات والسلوكيات والتجارب، سوف تمتزج وتشكل عرينًا قويًا، وحصنًا منيعًا، يصعب على الإنسان أن يعيش بمعاناة عند اكتسابه.

وكل ما يحصل عليه الإنسان، من هذا المزيج، سيعطيه القوة، ويجعله متمكنًا من أي شيء يعتريه. 

فيصير حين يمشي طريقه، عارفًا بالأزقة والمُفترقات، والشُعب والمُنعطفات، وحين يخطو خطوة واحدة، يكون عالِمًا بما يفعل، وفاهمًا بكل خطوة تلي خطوته، وليس متخبطًا كأنه رهين محبسين في قعر بئـر مُريبة أو بحر ظُلماتٍ كئيبة، وحتى لا يظن بنفسه الضعف، فالعلم فريضة واجبة في مستطيل الضرورات، واللاضرورات. 

والوعي هو كلمةٌ تعبّر عن حالة العقل في حالة الإدراك، وعلى تواصله المباشر مع المحيط الخارجي، عن طريق نوافذ الوعي المتمثلة بشكلٍ عام، بحواس الإنسان الخمس. 

إضافةً إلى هذا فإنّ الوعي يمثّل عند العديد من علماء النفس بالعقل والحالة العقليّة للإنسان، والذي تميّزه بملكات المحاكمة المنطقيّة الذاتيّة، والقدرة على الإدراك الحسّي للعلاقة التي تربط الكيان الشخصي بمحيطه الطبيعي.

وربما قُلنا أن الوعي هو جوهر كل حضارة، وهو حِس المسؤولية، وهو الحِصن المنيع، والقدر الرفيع، والضيف المطيع، لأي إنسان وأسرة ومجتمع ودولة. 

هذا واعتبرت الفلسفة بأنّ الوعي هو جوهر الإنسان وخاصيته التي تميزه عن باقي الكائنات الحيّة الأخرى، حيث إنّ الوعي يصاحب كل أفكار الإنسان وسلوكه، وهو ما يطلق عليه اسم (الوعي التلقائي)، كما أنه مرتبطٌ بمجموعة الأحاسيس والمشاعر التي تكمن في أعماق الذات، وهذا ما يطلق عليه (وعي سيكولوجي)، ويظهر هذا الوعي في الحياة العمليّة الذي يتجسد على شكل وعي اجتماعي، أو سياسي، أو اقتصادي.

كيف تجد أزمة الوعي، وتتعرف عليها؟

لو تحدثت عن الوعي، فلن أستطيع التوقف، وربما توصدت الحروف واشتعلت من جملة الآه والعتب، وكأنها آخر المطاف ستقول لي:

لا حياة لمن تنادي

فكلُ قد مات

فلا شعبي حيٌ ولا بلادي 

أولًا، لنتفق على شيء واحد فقط، ونقول بأن أزمة الوعي في المجتمع اليمني، ناتجة عن الضعف في مستوى التعليم، والقصور في عملية البناء المعلوماتي للمواطن اليمني. 

ولنا في ذلك أسباب كثيرة وغفيرة تُعلل هذه المشكلة. 

إن تلك الكلمات السامة التي تنتشر بين أوساط المجتمع ومراميه، وبواديه وضواحيه، تعكس صور جليـة وواضحة عن ضعف الشخصية التي يحملها المجتمع... 

ففي هذا الوقت العصيب الذي يمر فيه وطننا الحبيب، حاملًا على كاهله مِشعل الحضارة الإنسانية، في جوفه المرير وشأوه الأسير، إلا أننا لم نفقد الثقة بأنه ما زال هنالك بصيص أمل وقشة خير، ستكبر في عين وواقع كل من آمن بها... 


عبارات لها تأثير سلبي ولها تأثير سلبي على المجتمع 

هناك عبارات سلبية ومحبطة كثيرة، تتردد على ألسن العامة، وقـدَّ أصبحت جزءًا من مكنون ثقافة سلبيـة، تترنح في أوساط المجتمع اليمني، والجميع يرددها دومًا، فهي متعددة الصورة، ومتجددة الأسلوب... 

ربما كان لهذه العبارات أثر كبير على شخصية المجتمعات والأُسر والأفراد؛ لأن الجميع قد آمن بها تمامًا، وأيقن أن لها محمود ومآل في نهاية المطاف، وهذا كله بسبب الجهل ونقص المعرفة والتعليم. 

إذا سمعت هذه الجُمل تكثر في القِيـل والقال:

("ايش بتستفيد من الدراسة، قد درسوا الأولين" ...

"مابش وظائف ليش الدراسة" 

"بطل الدراسة مابش خراج"... 

"لا تدرسي بالأخير أنتي للمطبخ")...

فاعرف أن الجهل قد باض وعشش في العقول. 

إذا وجدت الجميع من رفيعٍ ووضيع، استبدل العلم بالمال طلبًا ، فاعرف أن الجهل سيعم ويهم ويفعل فعله. 

إذا أَعطيت معلومة مفيدة أو جديدة لمن حولك، في أي مجال كانت؛ فضحك عليك الجميع، 

فاعلم بأن مستوى الوعي ينخفض، وربما يضمحل حتى يُصيب زبانيته بعِلَـة. 

إذا وجدت العادات والتقاليد تزيد عن المثال في غير محلها، فاعرف أن الجهل سيغمر الجميع غمرًا غمــرا. 

إذا بين لك الطبيب تعليمات استخدام العلاج لمريضك أو قريبك، فخرجت، ونسيت وسألت مريضك أو رفيقك الذي كان معك، عمَّا قاله الطبيب، ومتى هذا، وكيف يستخدم هذا، وعلاج ما هذا، فاعلم أن جهل موج البحر بالبحر قد كبُـر، 

وأن الجهل بالتعامل مع الصحة والطب والعلاج، 

ستكون أضراره وعوارضه جسيمة؛ وهذا بسبب التقصير وقلة الوعي وضعف التعليم. 

إذا رأيت الناس يُرجعَون كل أمورهم على القدر عند ضعفهم وقلة حيلتهم، وأن كل شيء مقدر لهم، فتراهم لا يحاولون ولا يؤمنون بالتغيير الذي يجعلهم بحال أفضل ومآلٍ أكمـل، فاعرف أن الوعي ليس له نصيب بأن يُناسب عقولهم. 

إذا رأيت جارك يُخرج كيس القمامة ويرمي به وسط الشارع، أو يضعه في غير مكانه، فاعلم بأننا في أوج مراحل الجهل. 

إذا رأيت جارك، أو صاحبك يشتري كمية كبيرة من المواد الغذائية أو النفطية، وينصحك بأن تشتري مثله، خوفًا من الأزمة! 

فاعلم أننا ما زلنا في أواخر الركب، وأننا نتذيل الترتيب في سباق العِلم وبناء المعرفة والحضارة. 

إذا رأيت القتل يزيد، والجرائم تكثر على أتفـه وأبسط الأسباب، فاعلم أن الجهل قد غيّـم وخيـّم وظلّـم وتحكم في العقول. 

إذا رأيت أي تهميشٍ للمرأة في الإرث والقيمة، 

فاعرف أن رداء الجهل قد لبسهُ الجميع وأرتداه. 

وإذا رأيت أن المرأة لا يُأخذ رأيها في الزواج، أو أنها تُزوج بكلمةٍ دون علمها وموافقتها، فاعلم أن الجهل زاد عن حده. 

إذا سمعت عن الظلم والتظالم ورأيت اليأس في قلوب الناس، والإحباط يتسلل، فاعرف أن أبواب العلم لا يفتحها أحد. 

إذا رأيت أن الوقت لم يعد يستفيد منه أحد، وأن وقت الفراغ واللعب يطول، ونصحت باستثماره، فقيل عنك بأنك فضول، فاعرف أن الجهل قد سكن العقول، وأسس داره فيها، واستوطن وتمكن ومارس لعبته وتفنن في عقول الناس عامة.


حالة اغتراب شعـواء

يعاني العقل اليمني المعاصر، حالة اغتراب مأساوية، وضعتهُ في مأزقٍ مظلم ومكفهر، ولن نقول أن ذلك كان نِتاجًا؛ لرواسب الجاهلية الغبراء والحمراء. 

فالواقع يحكي جمودًا كبير وخللًا ثقافيًا ممتد، تتابع عليه الأقيال قبل الأجيال، ويضرب في سيرتنا كل مثال، فلا اكتفى بظرفٍ أو حال، فلا نراه إلا يعكس حياة اجتماعية مأساوية، ففي كل منصة تعبير وتصوير كانت مشكلة الوعي هي أكبر مشكلة نتجت عن الجهل بأهم عامل لرقي الحضارة وإبداء الأمل والنضارة 

إلا أننا ما زلنا نعيش في ظل هذه الحياة القامعة لذاتية الإنسان، والمانعة لحريته وطموحه وآماله ومناله، والطامعة في تنكيل حياته، وإبعاده عن رُشده وذاته، والقارعة أمام كل ما يهواه ويتمناه. 

ولا أقصد بالحياة اللفظ العام في التأصيل بما في التنكيل، ولكن قصدت الحياة التي يعيشها المواطن اليمني بظروف خارجة عن إرادته، إما بسبب إحكام السيطرة على البلد من القوى السياسية الخارجية، أو من خلال الظروف المصاحبة لمنطقه الصعب في ظل الظروف الراهنة التي تزينها الحروب، وتزيد فيها أوجاع القلوب. 


الانحطاط العلمي والمعرفي 

إن الانحطاط الذي يعيشه المجتمع اليمني، قد تمكن من دق الترائب، وحصد الضرائب المأساوية، التي ذبحت الوطن بكامل قوتها، فالانحطاط في الأسرة والمجتمع قد كبـُر واستعصى قطع حبالِه وأوتاده، ولكن لن يُستعصى علينا إنقاذه وإنجاده؛ من أجل إسعاده وإسناده، وتقويته وإعداده، وتجميله وإمداده بالعقل والعِلـم والثقافة والحِلـم، حتى تزول منه كل الهموم. 

لا بد أن نعرف قيمة التعليم، وندرك بأنه أساس البناء والتنمية، وأنه منطلق بناء الدولة، وأن المتهاون في ذلك، لن يكون متعاون في الرُقي ببلدنا نحو هامة السماء، وأن أبسط الأشياء التي تقدمها؛ ليزيد الوعي والثقافة هو أن تنصح إيجابًا، وتتوقف عن الانتقاد وبث اليأس في عقول الناس. 

لا تخرب طريق غيرك، فهناك أشياء لا تُعرف، إلا بعد تجارب، ولا تُفسد فرحة غيرك، فالأشجار لا تُثمر إلا بعدما تهطل قطرات الغيث من السماء... 

شجع على المعلومة أكثر وأكثر، أنصح بالاستفادة من الوقت أكثر وأكثر، أترك الطِباع السيء والتنابـز، ساعد على رسم البسمة في أقرب الناس إليك، كن متفائلًا بنظرتك للعلم.

أنــواع الوعــي:

تحدثنا كثيرًا عن الوعي المعرفي والثقافي؛ لأنه أساس كل شيء في الحياة.

وإن تطرقنا من باب المثال لا الحصر على مفهوم الوعي كسلوك، أو كنشاط، أو كعملية ذهنية تتوجب التوجيه والإرشاد...


الوعي البيئي

وهو من أهم أنواع الوعي، ويتطلب فهمًا جماعيًا لكل أبناء المجتمع، وفئاته من كبار وشيوخ حتى الأطفال، فحتمًا هذا الوعي لا بد أن ينشأ الأطفال وهم مدركون بأهمية الحفاظ على البيئة من الأوبئة التي قد تنتج بسبب التقصير في النظافة، أو الإهمال في رمي المخلفات، وعدم أخذ أي حساب لذلك، والركون على عامليّ النظافة فقط، كونها وظيفتهم.

ومن هنا يكون هناك تسريب حقيقي لروح المسؤولية والتعاون، بين الناس والحكومة، فيتولد الإهمال، فيكون هناك ضغط كبير على موظفي البلدية وصندوق النظافة، هذا في ظل الاستقرار السياسي والاقتصادي بحصولهم على المرتبات، فكيف بوضعنا هذا، فكم سيتحملون، نتيجة قلة الوعي في حسن التعامل مع البيئة والطبيعة.

وإذا أردنا ضرب المثل في واقع الوعي البيئي، فلن نجد أفضل من المجتمعات اليابانية، التي تؤسس حضارة قوية وشامخة، وجِيل متعلم وقوي، يعرف أن بناء الدولة والحضارة، يبدأ من أهمية التعامل مع البيئة المحيطة بها، وأن تكون النظافة هي العامل الأبرز الذي يربط بين الدولة والمجتمع. 

لذلك لا بد من بناء معرفي وذهني، يتحول لسلوك إيجابي، ثم إلى قانون عُرفي بين الجيران، وأبناء الحارات والمجتمع.

بحيث يوضع كل شيء في موضعه، في المكان المناسب، والوقت المناسب.


الوعي الأخلاقي

إنه وعي التعامل مع الغير، بالأسلوب والطريقة الذي يحبها، هو قمة النضج في الفِكر والسلوك الإنساني، فوعي الأخلاق هو محاولتك الكبيرة كإنسان في كسب القلوب، وإصرارك كشخصية تبني نفسها، بأن تحاول التخلص من عادات سلبية تعملها مع الناس، وهذا الشيء يتطلب منك عزيمة وصدق، وأن تحاول الإكثار من الأعمال الصالحة والحسنة، فمع زيادة ذاك، سينقص ذاك.

 وهكذا هم الكِرام دومًا، يسعون لكل خلق محمود؛ ليسعدون به كل الخلائق بيضًا وسود، من العفو والإنجاد والصفح والجود


الوعي الاقتصادي

إن أكثر ما يزيد من حِدة أزمة الوعي الاقتصادية هو الوهم القاتل للأسرة اليمنية، وكأنها ستموت جوعًا، فتارة ما تسمع إشاعة صغيرة، إلا وتراها تُحدث ضجيج وضوضاء، فتعيش حالة همٍ وغم 

كأنها تتخبط في ظلمات نوفلٍ وطـم. 

فبمجرد سماعها عن احتمال وجود أزمة معينة، قد تكون مثلًا: عدم وجود السلعة كذا وكذا، فسوف تراها تهب وتكب مسرعة نحو شرائها، بكمية كبيرة تكفيها لشهور ودهور، وبعد الشراء

يأتِ نقل الخبر بين الجيران، حتى تحدث البلابل وتزيد القلاقل، فيفرح التُجار ويرفعوا الأسعار، 

وهذا لا شك يجعل الفقراء بموقف صعب، فقد لا يستطيعون شراء ذلك الصنف بسبب ارتفاعه

وهذا لأنك أخذت حاجتك وحاجة الكثير من غيرك. 

وهذا المثال ليس إلا ضربًا بسيطًا عن أهمية وضرورة الرُقي لتجنب مثل هذه الحالات البئيسة، فأفضل حل ممكن لزيادة الوعي إزاء هذه المعضلات والمشكلات هو التجاهل تمامًا لأي إشاعة، وجعل كل الإشاعات طي الكتمان، حتى لو كانت حقيقية_ فالحل الأمثل هو التجاهل.

ولكن "هيهات هيهات" أن تتجاهل ربة المنزل اليمنية شيئًا كهذا، بل ستُقيم الدنيا رأسًا على عقب؛ لتفعل ما تريد وتشتري ما تريد.


الوعي بالدِيـن

إن قلة الوعي بالدين الإسلامي، لا محالة مهره كبير، إذ إن غياب الوعي الديني، سيخلق عثرات وكبوات في وجه المجتمع، الذي يريد أن يتقدم في النضج العلمي، فغياب الأمانة والمصداقية والوفاء والجود، كخصال عربية وسجايا حميدة لا شك أنه سيؤثر على شكل انسجام المجتمع، ومدى تقاربه من بعضه وتآلفه واستقراره وتعارفه.

وهذا لا ريب أنه سيولد رزايا ومثالب غفيرة، ويزرعها في المجتمع كرذيلةٍ ضريرة، وعاكفةٍ أسيـرة، فتكون سهلة على الجميع، ومنتشرة بين العائذ والسميع؛ فغياب النور لا شك سيخلق الظُلمة، وغياب الحق سيُظهر الباطل، 

فإن فسد المجتمع وتدهور بانقضاء أخلاقه، فلن يتجه نحو آفاقه، فالأسرة التي تنحو نهج حرمان المرأة من حقها وإرثها المشروع، هي أسرة جاهلة بتعاليم الدِين وبما جاء به القرآن الكريم، وأي مصابٍ أعظم من أن يكون المسلمون جهلاء بدينهم، الذي جاء لهدايتهم، وتحريرهم من عادات وتقاليد كانت سببًا في إنزال العقوبات عليهم، وكانت سببًا في تأخرهم عن سائر الأمم.

إن الوعي ليس أكثر مما هو واجب عليك، بأن تُميـز بين ما هو صح وما هو خطأ، وبين ما هو حق وما هو باطل، وما هو مفيد ونافع وما هو ضار ولاذع، وما هو صالح وما هو طالح، وبين ما هو فالح أمره، وكالح شره.

وما الذي قد يجعل المجتمع ينهض من كل العثرات، هو تمسكه بتلك العهود والمواثيق التي ترمم كل ما خلفته الجاهلية الحمقاء، ولا شك أن 

التمسك بالقِيم والأخلاق، هو من سيُعطي الإنسان القيمة المُثلىٰ، بأن يكون سَمحًا وطيبًا، وصاحب حكمة، وقرار صائب في كل سلوكياته وتعاملاته وتحركاته وسكناته.

وما أجمل أن يتمسك الإنسان بكل تلك المعارف ليكون عادلًا مع نفسه ومع غيره ومع كل من حوله، فينعم الجميع بالاستقرار، ويكون الاستمرار بمثل هذه الحياة رائع لا ممقوت أو مكروه، 

فالطبيعة والحياة تتطلب ذلك الجمال والرُقي، واللطف والتعامل في كل حيثيات الحياة. 

وهكذا هو الوعي يجعلك تميز بين كل ما تشعر به وما تقوم به، يجعلك حيث أنت، إذا أردت أن تكون حيث تريد. 

إن الوعي بكتاب الله وسنة رسوله الكريم يعلمك الصبر الجميل في هذه المحطة التي وُضعت فيها للاختبار، وأنك فيها مخير بين أن تظل تحت سحائب وغيمات الرحمة، أو تضِل عن طريق العدل والحق، فتكون تحت سحائب اللعنات والنكايات. 

فلا يكن سبيل ودرب الاختيار إلا حسنًا، فإن الله أعطاك بصيرة وفؤاد، وميزك بالعقل والحكمة، وشرفك بالروح والبصيرة، وعلمك كل شيء في إفادة لـك، وحذرك ونهاك من كل نكالٍ عليك، وزاد في ذلك إعادة، ودعاك عند اليأس والقنوط إلى باب التوبة والسعادة. 

جمالية الوعي(نصيحة لكل المجتمع اليمني)... 

عزيزي وعزيزتي القارئ والقارئة

من كل أبناء المجتمع والشعب اليمني

إن الوعي لا يعني أن تكون حيث يريدك الغرب أن تكون، لا تُفكر إلا في المادة ونطاق الحرية والسيطرة، بل أبسط الوعي هو أن تكون تاركًا قبل أن تكون مُبادرًا. 

فهناك أشياء تتطلب منك الترك، وليس محاولتك في الوصول لشيء من الصعب عليك أن تحتويه وتصل إليـه. 

فترك ظلم الناس هو وعي ونضج، وتحسين معاملاتك مع نفسك وغيرك هو وعي ونضج، وابتسامتك وتواضعك للخلق وإنزال الناس منازلهم هو وعي ونضج، ودعوة الآخرين للصلح والحِوار هو وعي ونضج، والنصيحة في الخير هو وعي ونضج، وتركك لابنك وابنتك بإكمال التعليم هو وعي ونضج، وتركك لكل ما هو خطأ وضار وباطل وحرام هو وعي ونضج، وعدم تسرعك وتهورك الذي قد يؤدي لعواقب جسيمة ووخيمة هو وعي ونضج، وأخلاقك وإخلاصك في الوفاء هو قمة الوعي والنضج، وصبرك على جارك ومشكلاتك هو قمة النضج والوعي، وتأييدك للحق ومواقف الحق هو وعي ونضج، وابتعادك عن الحلف والتنابز وشهادة الزور وبث الإشاعات هو وعي ونضج وبصيرة. 

أشيـاء كثيرة جـدًا، أنت قادر فيها، على أن تجعل للحياة جمالية وروعة، فقط بالترك للسلبيات، والحث على الإيجابيات، وما بالك أن تبادر في العلم، وتتعلم بأبسط الأشياء، وتدرك إدراكًا شعوريًا وحسيًا وقلبيًا وروحيًا أن الخيـر والعلم تجده حين تنوي لذلك، فالمعرفة يتم صناعتها بالإدراك العقلي للسلوكيات، والاستجابة لكل المعطيات وتحويلها لكنز علمي حقيقي. 


الخاتمة! (الحــل)... 

إن الحل الوحيد لتجاوز كل تلك الأزمات والعقبات، والمشكلات والمعضلات، التي تحدثنا عنها هو العِلـم، والاستمرارية في التعلـم، والاتجاه نحو استثمار الوقت تدرجيًا حتى يكون للإنسان في مجمل وقته، وقتًا للتعلم وتجديد الفكر. والأجمل أن يبدأ الإنسان بتعلم الأصول التي تنظم شؤون الحياة، وتولد روح الانتصار على النفس والمغريات، وتبعث العزم والحزم لتسوية مصالح النفس الحقيقية أمام رب العباد. وكمسؤولية تامة وعامة على كل إنسان علموا أهلكم وصحبكم وذويكم ومجتمعكم، بالأُنس والبساطة، والرقة والأسلوب الجميل، حتى لا ينفروا ويهربوا من لقائكم، فلكم أجر عظيم في ذلك، ومن أبى وطغى ونهاكم عن ذلك، فلا يمنعنكم أن لا تحاولوا في غيرهم، وأن تتوقف عجلة سيركم على البقاء في دائرة الشك، بأن الجميع لا يريد أن يتعلم. 

وعندها تحسبون أنكم متعلمون ومثقفون بما أخذتم في العلم، وتتكبرون على الجميع بتعلمكم، ولكنكم حقًا ستدركون كل يوم، بأنكم ما زلتم في نفس الخندق، وأن الوعي لم يرتقِ بكم ليُثمر. 

أثر الجهل في الآخرين سيجعلك حبيس نفسك، بعيدًا عن ذاتك، ومسلوب الإرادة، بل وضحية السخرية، والسذاجة والسخافة، وربما وجدت نفسك في مأزق، فوعي العامة مهم أكثر من وعي الخاصة، ووعي الأسرة بجميع أفرادها مهم أكثر من وعي رب الأسرة، ووعي المجتمع مهم أكثر من وعي الأسرة، وهكذا كلما كبر الوعي، كلما كانت نتائجه أفضل، فوعي الأسرة كاملة بما لها وبما عليها يجعلها في أمان وتقل الخسائر بشكل عام المادية والمعنوية، لذا يجب أن يكون التعليم كبير في كل أسرة، بأبسط الأشياء، وبداية من أصغر الأشياء، وحتى نبني وطن جميل في هذا الزمن، علينا أن نتعلم كل شيء، ما دمنا قد عرفنا، أن أكبر مشكلة لدينا هي أزمة الوعي، الناتجة عن تدهور التعليم بشكل عام، فحتى هذه اللحظة، يظن الكثير والكثير، بأن أكبر مشكلة في المجتمعات اليمنية هي الفقــر، ولا يعلمون حق اليقين، بأن الفقر ليس إلا سوى إحدى عوارض مشكلة سوء ونقص التعليم، وحتى لا نتألـــم؛ هيا بنا نتعــلم.



✍️تامر التويج 

تــامــر التـويـج




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الاستغناء عن الموروث الديني

الإنسانية والإسلام

كلمة رئيس اللجنة التحضيرية في حفل تخرج دفعة قادة الأعمال _ جامعة إب