الكرم والعرب
الكَرم والعرب
✍️ /تامر التويج
لم يكتب التاريخ في سطور الأبجديات ولا الأوليات عن صفةٍ تعاظمت بها العرب وشاهرت بها، كما كتب عن الكرم، كصفة من صفات العظماء تعز وتزيد عـزًا على البطولية والشجاعة في ميدان الفروسية ــ فما كان للعرب أن تفقد مثل هذه الصفة إلا ورؤوس ساداتها على شفرة السيف قبل نُوقهم ونياقهم، هذا ولم يُعدم الكرم ما دامت النخوة الأصيلة تعيش في دماء من يمثلون العروبة بحقيقتها، وما كان في المَثل أولى لنا من أن نذكر مواقف حاتم الطائي عندما اشتد عليه الدهر بما حمل من العواصف التي كسرت ترائب صدره وجمّدت عروق نحره وجعلت عينهُ قريرة في أن يلقى روحه تُنزع منه على ألا يُقال حاتم الطائي بخيل ويشرب من ضرع ناقته حتى لا يسمع أحد شخيب اللبن، وحدَّث ولا حرج فالعرب ما دعت في الطِعام إلا جفلى، وما دعت في النقرى إلا رويدًا رويدا، كلاّ وكلاّ فالعروبة ترفض كل ذلك وما دونها، فكلٌ ما احتوته الجفنات من ثريدٍ وعديد جاء من القيمة الحقيقية، والميزة العريقة لأخلاق العروبة في أكلٍ وشرب وإدامٍ ولثـام، وأني أقسم بذلك، وما أحنث به قط، وعبد المطلـب سيُثني على قسمي ويقول: الكرم مثل الحَرم، ما تركنا حرمتهُ ساعة ولا برهة، هذا ولن تجد النفس تراوغ وتمني ذاتها بما فعلت، وهل هي أكرمت حتى تتباهى أمام غيرها بالكرم لمن لا يستحق، أم أن الكرم تأّصل ولم ينفصل للغريب والرحالة، ولا شك أن أفضل الكرم ما جاء بلا طلب، فكن كريمًا في غير إعطاء كل ذي حقٍ حقه، وكل ذي أجرٍ أجره، فسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، يقول: "خير الكـرم جود بلا طلب مكافأة"، فرضي الله عنه بما قال وأفصح فيه فرجح، فسيروا على نهج العروبة في أصائل عاداتها التي جاء يتممها سيد الأخلاق محمد بن عبد الله خير من أكرم وعلـم...
✍️/تامر التويج
تعليقات
إرسال تعليق